الأربعاء، 4 يناير 2012

الاستقلال بالذات على التراب



أحيانا التمس قمة الإنسانية والفطرة البشرية باحتوائي نفسي لأحملها إلى مكان رحب أسمو فيه مع ذاتي ومع محيط من كائنات أخرى ليست من فصيلتي الآدمية ولكن ألفتها وألفتني وعرفت إني لا امقتها حياتها فتركتني اقترب لتأملها .. فحملت نفسي إليها هربا من الحوائط المستعرة بالألم ...

السماء واضحة المعالم صافية إلى درجة انك لا تستطيع النظر إليها بعض من سحاب يعب مساحتها واشعر انه يتجمع لحاجة ما تحبها الأرض ومن على الأرض ... الصمت يغزو المكان لا شيء إلا صوت عقارب ساعتي أحسها تخترق راسي وكأنها ضجيج آلات مصنع ..
زال صوت عقرب ساعتي عند انفلات الجدول ما أجمل صوت خرير الماء
أرى رقص فالسماء عصافير رماها العطش ترقص وتغني للماء
تحاول أن تشكرني بالتقرب مني دون ارتياب .. تتساقط الأطيار على الجدول والماء يتدفق دون توقف ..
بالقرب من الجدول مكان ذلك الثعبان الجميل ذو اللون الأبيض أحيانا لا يأبه لي وأحيانا يهرب وافرح لهروبه فقد يقتل إن أحس أن كل البشر مثلي وأكون سبب بموت مخلوق والثعبان مخلوق لكن ليس أفعى .. فقط أحب مراقبة مكانه خوفا عليه من التدنيس ..
عند جلوسي في مكاني المعتاد أرى ذلك الخط الأسود المنتظم السائر في خطة واثقة باجتهاد للعمل الدءوب ...
فوق الخط الأسود تقاطعات من ألوان البذور وقليل من حشرات ميتة ..
كرمة التين الكبيرة أسقطت أوراقها لتستقبل المطر لتخضر من جديد .. أوراقها كانت ستر حربا تتربص بعد تساقط الأوراق تشعر الحربا أنها عارية ....
الشمس تحاول الاختفاء وتجمع حولها كل ما في السماء من غيوم وتغير ألوان الغيوم إلى لون الشفق فالشمس تخترق غيومها ..
تزداد الشمس بالنزول وتنزل إلى درجة ولادة ليل جديد أصبح المكان يتأبط الظلام ويفترش له السكون ..
تلك الشجرة العجوز الميتة مصدر حطبي .. انتزعت بعض من أغصانها ..
هممت إلى مكاني المعتاد ورميت بحطبي في تلك الحفرة التي يسعدني دائما أن تكون رفيقتي كل مساء إن كنت بالقرب منها ...
يعم الليل كل محيطي .. تتقد ناري ألسنتها تبحث عن شيء تلتهمه لذلك أبعدتها عن كل الدنيا إلا إبريقي وأنا نقترب لأننا نعرفها جيدا وتوعدتها أن لمستني ألسنتها فسوف ارميها بالتراب ..
ما أروع التراب أحب افتراشه جدا لا ادري لما صنعوا الفراش والكراسي .. عندما أكون هناك بين الحوائط الخراسانية اشعر أن الناس يجاملون حوائطهم الخراسانية بالمفروشات والكراسي فهل فكروا أن حوائطهم الخراسانية لا تقوم لولا التبر لولا الرمل لولا التراب ...
لو أنهم عشقوا رائحة الماء فوق التراب وتحسسوا بأناملهم ذلك الابتلال
لعرفوا أن بالقرب منهم كنز ..
اقترب موعد تلك البومة التي تقبع فوق تلك الشجرة العجوز الميتة ..
دائما أحب مراقبتها كونها تعشق الليل وتزعج صيدها وتفترسه فيه ..
كان التعب قد التهم جوانحي قبل جسدي .. أحس بمرفقي يغرس أكثر بالتراب .. لا استطيع أن اعرف أن عيناي لا ترغبان التفتح .. لا ادري أن الشمس .. سوف تكون هي المنبه نعم فقد فقت أنا والعالم بأسره منها ومن خجلها المعهود .. آوه آثار أصابعي على خدي هل سيمحوها اليوم الجديد فألف ألف مرحبا بالشمس واليوم الجديد والأطيار والضجيج وخط النمل الأسود ورحيل البومة ..
فكان استقلال رائع لذاتي وما أجمل استقلال وطن بالكامل لينعم بسيادته وحريته بكل دواخله وما يحوي فقط ... وأتمنى من من يحويه الوطن أن يحمل حبا وودا وسلاما ... ليكون له الاستحقاق بوطنه مع من حوله

من أوراق عبدالباسط الفالح في ذكرى الاستقلال 24/ 12 /2011م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق